هناك فكرة بالؽة البساطة في قلب التعاليم الهرميسية هي أن هللا هو العقل األكبر ،وكل ما يوجد ليس إال فكرة في عقل اإلله ،فهذا الكتاب فكرة في عقل هللا ،وجسدك فكرة في عقل هللا ،وهذه األفكار التي نناقشها هي فكرة في عقل هللا ،فكيؾ يمكن أن فهم ذلك؟ خذ تجربتك أنت في اعتبارك للحظة ،فاألفكار والمشاعر توجد في عقلك أنت ،وتعرؾ العالم الخارجي من حولك عن طريق حواسك ،والتي تستوعبها أيضا في عقلك ،وحين يكون عقل ؼير واع ،فؤنت التمارس شيئا ،وفي النهاية اليزيد كل ما يوجد في حياتك عن الفكر الذي يطرد في عقلك ،إال أن عقلك محدود بطبيعة احتباسه في جسد مادي ،فتصور لحظة أن العقل قد أصبح حرا ليعي كل شيء ،في كل األزمنة واألماكن ،سوؾ يوجد في عقلك كل ما كان وكل ماهو كائن وكل ما سوؾ يكون ،وهذه هي طبيعة عقل هللا ،فبل جسد يحده ،فهو العقل األعظم ،الذي يوجد فيه كل مايمكن أن يوجد. ويصؾ هيرميس عقل هللا بؤنه الوحدة التي توحد كل شيء فماذا يعني ذلك؟ أنظر مرة ثانية إلي خبرتك: فؤنت تمارس كثيرا من األشياء المختلفة بعقلك ،وأنت اآلن تقرأ في هذا الكتاب ،وقبل ذلك كنت تؤكل مثبل، أو تتمشي في الريؾ ،إال أن هذه التجارب المختلفة يمارسها شيء واحد ،هو عقلك .وبنفس الشكل ،فعقل هللا هو الوحدة التي توحد كل شيء. ويقول هيرميس أن تلك الوحدة تحوي كل المتناقضات ،هذه المتناقضة يمكن أن تفهم بالنظر إلي طبيعة عقلك مرة ثالثة ،فمن خبراتك أن يوجد ماهو بارد أو ماهو ساخن ،ماهو منير أو ما هو مظلم ،ما يمكن أن تدعوه حسنا وما يمكن أن تدعوه سيئا ،وليس هناك فيما تخبره ما يمكن أن يكون باردا وساخنا في ذات الوقت ،حيث أنها أضداد ،ولكن اإلحساس بالبرودة والسخونة صفة فيك ،فعقلك هو الشيء الواحد الذي يحوي األضداد جميعا. يعلمنا هيرميس أن عقل اإلنسان مصنوع علي شاكلة عقل هللا األعظم ،فإذا قيض لنا أن نحرر عقلنا من
المحددات التي فرضها كياننا المادي ،نستطيع معرفة عقل هللا األعظم ،ولقد خلقنا لنتعلم كيفية تحقيق هذا الهدؾ المحدد ،وهذا هو الؽرض الروحي من حياة االنسان ،وال محيص لنا من استخدام عقولنا الصؽيرة كل نصل إلي العقل األعظم. ويحكي لنا هيرميس حكاية درامية عن كيؾ يخلق هللا الكون ،وكيؾ يحفظه ،ونستطيع أن نعرؾ هللا عن طريق اإلحساس بروعة الكون وفهم أسس القوانين التي يعمل بها .وقد كانت هذه الرإية هي التي ألهبت خيال العقول الكبري في تاريخ اإلنسان ،وألهمت ميبلد علوم جديدة بتشجيعهم علي البحث في كيفية عمل الكون ،ومازال بعض العلماء المعاصرين مثل ألبرت أينشتين وستيفن هوكنز يصفون العلم بؤنه محاولة لفهم المزيد عن عقل هللا .وتضع الفلسفة الهرميسية اإلنسان في مركز الخلق ،ويقول هيرميس بؤن اإلنسان أعجوبة ،فإنه يستطيع بعقله أن يدرك الكون وحتي أن يعرؾ هللا .وهو ليس مجرد جسد فان سيعيش ثم يفني ،فهو روح خالدة لو استطاع تحقيق الميبلد الروحي من جديد ،وقد يصير كائنا إلهيا.
وقد كان تقديم نسخة جديدة من عمل مكتوب بلؽة أجنبية ،ويستخدم مفردات فريدة المفاهيم ،أمرا بالػ الصعوبة ،فهيرميس ذاته يكتب في الكتاب السادس عشر من المتون الهرميسية نصا بالػ القدم ،وتناوله كثير من المترجمين ،وكانت ترجمته أبلػ صعوبة: في مقبل الزمان ستصير تعاليمي أكثر ؼموضا ،عندما تترجم إلي اليونانية من لساننا المصري ،حيث تشوه الترجمة كثيرا من معانيها. إن هذه التعاليم تبدو بسيطة واضحة في لؽتنا األم ،حيث يردد صوت الكلمة المصرية شكل ما يقصد بها. والبد من اتخاذ جميع االحتياطات الممكنة حتي التفسد هذه النصوص المقدسة بالترجمة إلي اليونانية، التي هي لؽة مؽرورة ،ضعيفة ،متمظهرة ،ؼير قادرة علي احتواء القوة التي في كلماتي. إن اللؽة اليونانية تنقصها قوة اإلقناع ،والحكمة اليونانية لؽو فارغ. لؽتنا المصرية هي أكثر من مجرد كلمات ،فإن مخارجها تفيض بالقوة. لقد كان صوت الكلمة في اللؽة المصرية القديمة ذا خاصية سحرية تدعم معناها ،وهو مبدأ في اللؽة نتبناه ببل وعي عندما نتحدث عن هجاء الكلمات لتؤكيد معناها ،وترجمة النص المصري إذن تعني بالضرورة فقدان القوة والوضوح األصليين ،إال أن هيرميس يعلمنا أيضا أن قوة العقل يمكن أن تحقق كل شيء .ولقد حاولنا كما يعلمنا هيرميس أن نستخدم قوة التؤمل لتقطير جوهر تعاليمه لجيل جديد من الباحثين عن الروح.
الترجمة الدقيقة الكاملة ألقدم تعاليم دينية منسوبة ل'مثلث العظمة'
1نبوءات هيرميس
الحكمة الخالصة هي الجهد الروحي في التؤمل المستمر للوصول الي معرفة اإلله الواحد آتوم. لكن ،سيؤتي زمان اليطلب فيه أحد بذل جهد في الحكمة بطهارة قلب ووعي ( .) 5 إن اولئك الذين يحملون الضؽينة في نفوسهم سوؾ يحاولون منع الناس من اكتشاؾ هبة الخلود التي التقدر بثمن. فالحكمة ستصير ؼامضة مؽلفة بصعوبة الفهم وستفسدها النظريات الوهمية ،وسوؾ تشتبك في حيل العلوم المحيرة كالرياضة والموسيقي والهندسة. إن دارس الحكمة الخاصة هو دارس لكل العلوم ال كنظريات مهومة ،بل كوالء آلتوم ،اذ أن تلك العلوم تكشؾ عن عالم كامل النظام بقوة األرقام ،فقياس أعماق البحار ،وقوة النيران ،وضخامة أجرام الطبيعة: تذكي الرهبة أمام إبداع الخالق وحكمته. إن أسرار الموسيقي تشهد علي مقدرة ال حد لها للصانع المتعالي ،الذي نظم في جمال كل تلك األصوات المتنوعة في وحدة شاملة ،مفعمة بنؽم جذاب. حب طاهر آلتوم يإيده فكر وتوحد قلب ،واتباع الخير الذي يريده ،هو الحكمة التي التلوثها األهواء الدنيئة أو اآلراء الفارؼة. ؼير أني أتوقع أن يؤتي في قادم الزمان متكلمة أذكياء ،ؼايتهم خداع عقول الناس البعادهم عن الحكمة النقية() 6 وفي تعاليمهم سوؾ يدعون :أن اخبلصنا المقدس كان ببل جدوي ،وتقوي القلب وعبادة آتوم التي يرفعها اليه المصريون ليستا سوي جهد ضائع.
مصر صورة للسموات ويسكن الكون كله هنا في قدس معبدها. لكن اإلله سوؾ يهجرها ،ويعود الي السماء ،ويرتحل من هذا البلد الذي كان مقرا للروحانية. ستصبح مصر مهجورة ،موحشة ،محرومة من وجود اإلله ،يحتلها الدخبلء الذين سيتنكرون لتقاليدنا المقدسة. إن هذا البلد الزاخر بالمعابد واألضرحة ،سيضحي مليئا بالجثث والمآتم. والنيل المقدس سوؾ تخضبه الدماء ،وستفيض مياهه محملة بالقيح. هل يحملك ذلك علي البكاء؟ بل سيتبع ذلك ماهو أنكي. فهذه الببلد التي علمت الروحانية لكل الكائنات االنسانية ،وأحبت اإلله يوما بوالء عارم فتفضل باإلقامة في أرضها ،هذه الببلد ستتفوق علي الجميع في العنؾ. سيتجاوز عدد الموتي األحياء وعدد الذين اختفوا من علي وجه األرض ،وسيعرؾ المصريون بلؽتهم فقط ،أما أعمالهم فلن تختلؾ عن أعمال األجناس اآلخري. آه يامصر! لن يبقي من دينك شئ سوي لؽو فارغ ،ولن يلقي تصديقا حتي من أبنائك أنت نفسك. لن يبقي شيء يروي عن حكمتك اال علي شواهد القبور القديمة. سيتعب الناس من الحياة ،ويكفون عن رإية الكون كشيء جدير بالعجب المقدس. ولسوؾ تصبح الروحانية ،التي هي أعظم بركات هللا مهددة بالفناء ،وعبئا ثقيبل يثيرا احتقار الؽير. ولن يكون العالم جديرا بالحب كمعجزة من خلق آتوم ،وال كشاهد عظيم علي فضله األصيل ،وال كوسيلة لبلرادة الربانية التي تذكي في مشاهدها االجبلل والحمد. ستضحي مصر أرملة. فكل صوت مقدس سيجبر علي الصمت. وتفضل الظلمة علي النور ،ولن ترتفع عين الي السماء. سيدمػ الصالح بالببلهة ،وسيكرم الفاسق كؤنه حكيم. وسينظر الي األحمق كؤنه شجاع ،وسيعتبر الفاسد من أهل الخير ( .) 7 تصبح معرفة الروح الخالدة عرضة للسخرية واالنكار ،والتسمع والتصدق كلمات تبجيل وثناء تتجه الي السماء. لقد كنت الشاهد من خبلل العقل الواعي علي ماخفي في السماء ،وبالتؤمل وصلت الي معرفة الحقيقة،
وصببتها في هذه المتون. ها انذا هيرميس العظيم ثبلثا ،أول انسان وصل الي جماع المعرفة ،سجلت في هذه المتون أسرار االله في رموز خفية ،بحروؾ مصرية مقدسة ،في أمشاق علي هذه الصخور ،وأخفيتها لعالم المستقبل ،الذي سوؾ يحاول االنسان فيه البحث عن حكمتنا المقدسة.
2إرشاد هيرميس
تعطلت حواسي أثناء تهدج صوفي ،النصبا وال تذمرا ،بل انتباها وخلوصا واعيا. أطير مع أفكاري متحررا من جسدي. وبينما كنت محلقا ،نادتني باسمي كينونة هائلة ببل حدود: ' هيرميس عبلم تبحث؟' سؤلت 'من أنت؟' قال 'أنا المرشد ،أنا العقل السامي ،أنا أفكار اتوم االله الواحد. معك أنا دائما في كل مكان. أعرؾ مكنون قلبك ،صانع أنا ألسئلتك الواعية ومهييء أنا االجابة عليها'. قلت متوسبل :أرني طبيعة الواقع ،وباركني بمعرفة اتوم'. فجؤة تؽير أمامي كل شيء .وانفتح الواقع في لحظة ألري المشهد البلنهائي ،وذاب كل شيء في النور متوحدا بحب ؼامر. لكن النور ألقي ظبلال كئيبة رهيبة ،تهدر كؤنها فيض مياه صاخب ،ثم سمعت صرخة ذبيحة ،ثم نطق النور بكلمة بعثت الهدوء في اللجة الصاخبة. سؤلني مرشدي: ' أال تفهم سر هذه الرإية؟ أنا النور ،فكر اإلله األزلي الذي كان قبل هيولي ظلمة مياه اإلمكان. كلمتي التي بعثت الهدوء في الصخب هي ابن هللا ،هي فكرة النظام الجميل الذي يتسق به كل شيء مع كل األشياء.
الفكر األول هو أبوالكلمة ويوازي في خبرتك االنسانية فكرك االنساني الذي يلد الكبلم. فبل يمكن فصلهما حيث ينبجس الواحد من اآلخر ،اذ أن الحياة هي اتحاد العقل والكلم. واآلن ،أعمل فكرك في النور ،وتوحد معه. ثم إنه نظر الي كواحد الي واحد فرأيت الفكر وأنا أرتعد قوة ال حد لها في جوهر النور ،تشكل عالما متنوعا ببل نهاية ،ولكنه منضبط ببل حدود. وتعاظمت دهشتي. ورأيت في ظبلم األعماق مياها صاخبة ال شكل لها ،نفذت إليها نسمة ذكاء من قوة ربانية. وفاضت كلمة آتوم علي المياه الصاخبة لتجعلها حبلي بجميع األشكال. ووجدت العناصر األربعة باتساق الكلمة ،واتحدت لتكون جميع األحياء. عنصر النار جلي كؤبراج النجوم ،ومبلئكة السموات السبع تدور في أفبلكها الي األبد. ثم إن الكلمة رفعت من عناصر الطبيعة ،لتعود الي فكر الخالق ،تاركة المادة الحية مجردة من الذكاء. قال مرشدي: ' لقد أدركت النهائية الفكر األول التي كانت قبل البداية بمشيئة آتوم ،والتي خلقت عناصر الطبيعة ،انعكاسا للفكرة األولي في مياه اإلمكانية. تلك هي النماذج السابقة األولي :أصول كل شيء في الكون. كلمة آتوم فكرة خالقة ،وقوة سامية النهائية ،تؽذي وتخصب جميع األشياء ،وتخلق كل شيء. لقد أطلعتك علي كل األمور فماذا تنتظر. اكتب الحكمة التي فهمتها بحروؾ مصرية وانقشها علي حجارة قدس األقداس. واجعل نفسك مرشدا روحيا ألولئك الذين يستحقون المعرفة فينقذ ،آتوم علي يديك االنسان'. مدين أنا بالحمد لؤلب الواحد ،الذي أفاض علي نظرة علوية. وأدعوك آتوم بخشية وتبجيل ،متوسبل أال أضل طريق تلك المعرفة التي أبدعتها ،حتي أرسل النور ألولئك الذين مازالوا في ظبلم. وبدأت الحديث بالقوة التي منحتها :فكان هناك من يضحك علي البعد من كلماتي ،وكان ثمة من يسجد بين يدي. وطلبت منهم القيام حتي يتلقوا بذور الحكمة التي أود أن أؼرسها في نفوسهم بتلك التعاليم. ' أنصتوا يامن خلقتم للفناء وان توانيتم في اإلصؽاء ستتخطاكم كلماتي لتعود الي المنبع الذي منه أتت'
3كينونة آتوم
استجمع شتات فكرك ،وانتبه بكامل وعيك ،لمعرفة كينونة آتوم ،إذ أنها تتطلب بصيرة عميقة ،تنبثق فقط كهبة تكريم ،كمياه تنحدر في شبلل ،تفوق سرعتها قدرة االنسان علي المتابعة ،تاركة المتعلم والمعلم وراءها. إدراك آتوم شاق وتحديده مستحيل، فبليستطيع الناقص والفاني إدراك الكامل والخالد بيسر وسهولة. آتوم هو الواحد الصمد ؼير متحرك ومع ذلك هو أصل الحركة ذاتها. اليشوبه نقص. هو الباقي دوما ،هو الخالد ابدا. هو الواقع الحق كما انه المطلق األكمل األسمي. هو جماع األفكار التي التدركها الحواس ،وال تدركه المعرفة مهما عظمت. آتوم هو الفكر األول ،هو أعظم من أن يطلق عليه اسم آتوم. هو الخفي المتجلي في كل شيء. تعرؾ كينونته بالفكر وحده ،وتدركه عيوننا في اآلفاق. الجسد له ،ولكنه في كل شيء. وليس هناك ما ليس هو. ال اسم له :ألن جميع األسماء اسمه. هو الجوهر الكامن في كل شيء. فلنعرفه بكل األسماء ولنعرؾ كل شيء باسم آتوم. هو أصل ومنبع كل شيء. كل شيء له منبع سوي ذات آتوم ،التي نبعت من ذاته. آتوم كامل ،كمثل الواحد الذي يبقي واحدا لو ضرب في ذاته ،أو قسم عليها ،ومنه تؤتي جميع األرقام.
آتوم هو كل الكل ،ويحيط بكل شيء هو الواحد الذي ليس كمثله شيء هو الكل ،وليس هو الكثرة. الوحدانية تشتمل علي كل الوحدات ،ولكنها ليست األشياء الكثيرة كما تراها متفرقة. أما حين تراها متعلقة بالواحد ،ونابعة من الواحد ،يمكنك ادراك وحدتها ،يرتبط بعضها ببعض ،يضمها تناسق الوجود من اعبله الي أسفله ،وتخضع جميعها الرادة آتوم. الكون واحد ،والشمس واحدة ،والقمر واحد ،واألرض واحدة ،فهل يجوز الظن بتعدد اآللهة؟ هذا محال فاإلله واحد. آتوم وحده هو الباري لكل ماهو ثابت ولكل ما يتؽير. إن كنت تظن أن هذا ؼير معقول ففكر في ذاتك أنت ،إنك تري ،وتسمع ،وتتكلم ،وتلمس ،وتذوق، وتمشي ،وتفكر ،وتتنفس ،وليس كل هذا بؽريب عنك. إن ذلك الذي يستمتع بكل تلك الملكات هو كائن واحد يحملها جميعا. إن أردت أن تعرؾ كيؾ خلق آتوم كل شيء ،ففكر في فبلح يبذر البذور ،قمحا هنا ،وشعيرا هناك، وشجرة عنب اآلن ،وشجرة تفاح بعد ذلك. فكما يزرع الفبلح كل تلك المزروعات ،فقد ؼرس آتوم الخلود في السماء والتؽير علي األرض ،حيث تنتشر الحياة والحركة. إنهما أعظم ظاهرتين في الكون :تشيران الي آتوم ومخلوقاته ،كما تنبئان عن كل شيء في الوجود (.) 8 ليس آتوم أبا ألنه خلق كل األشياء ،وليس إنسانا يجاهد لميبلد طفل استمرارا لحياة ،بل و يعمل في الطبيعة حسب قانون الضرورة ليبدع الموت ،والنشور من جديد ،ويعمل علي دوام الخلق. للكشؾ عن حكمته :اعلم أن ما تراه العين أشباح وأوهام. أما الفكر فهو الحقيقة ،وأفكار الجمال والجبلل هما أسماها ،وأن لم ترها عين. وطالما عجزت العين عن رإية كينونة آتوم فإنها التستطيع رإية األفكار العظمي التي يتصؾ بها آتوم وحده. ليس ثمة نقص في آتوم فليس هناك ما يتمناه. ليس ثمة ما يفقده آتوم ،فليس هناك مايمكن أن يصيبه بالحزن. آتوم هو كل شيء. خالق هو لكل شيء. كل شيء جزء من آتوم. آتوم خالق ذاته بنفسه وتلك هي عظمة آتوم.
كينونته الحقة هي قدرته علي الخلق ،ويستحيل أن يتوقؾ عن الخلق ،ويستحيل أن يتوقؾ عن أن يكون. آتوم في كل مكان ،فالفكر اليمكن أن يحاصر بسياج ،وكل ماهو موجود خاضع للفكر فليس هناك ما يماثله في السرعة والقوة. انظر الي وجودك أنت ،وتخيل نفسك في بلد ؼريب ،وستكون هناك بفكرك كما تخيلت. فكر في المحيط ،وهناك ستكون ،ال ألنك سافرت ،فؤنت لم تتحرك كما تتحرك األشياء. حلق في السماء ببل أجنحة فلن يعوقك وهج الشمس أو دوران النجوم. تقدم بفكرك الي حدود الكون إن اردت. هل يمكنك أن تشعر بالقوة التي تمتلكها؟ إن استطعت ذلك ،فافعل هذا كله ،ثم فكر من يكون باريك ،وحاول أن تفهم أن آتوم هو الفكر. أنظر كيؾ جمع آتوم الكون ،فكل شيء هو فكر آتوم.
4تؤمل الخلق
سل آتوم أن يبعث شعاعا من ضيائه ليمنحك القدرة علي فهم كينونته العلية بفكرك ،حيث اليفهم ما خفي عن الحس إال بالفكر الذي هو خفي أيضا. فاذا لم تكن تري األفكار ،فهل تتوقع أن تري آتوم؟ أنظر بفكرك إذن وسوؾ يظهر لك متجليا ببل تحفظ في العالم أجمع ،فتري صورته بعينيك وتلمسها بيديك. هل تعتقد أن آتوم خفي؟ '' 9 التقل ذلك! فليس هناك ماهو أكثر وضوحا من آتوم. لقد خلق كل األشياء بحيث تراه من خبللها. هي رحمة آتوم العظيمة التي جعلته ظاهرا في كل شيء. فيمكن أن يعرؾ كل شيء حتي ماهو ؼير المادي ،ومثلما يعرؾ العقل باألفكار ،كذلك يعرؾ آتوم بخلقه. آتوم هو صانع األبدية المطلق ،ينسج كل شيء في نسيج الواقع ،وحيث أن الخلق منظور نستطيع رإية الخالق ،وهذا هو ؼرض الخلق. وحيث أنه اليتوقؾ عن الخلق ،فهو أبدا ظاهر للعيان ،حتي نفكر ،ونتعجب ،ونعلم أننا قد بوركنا بمعرفة
األب. تفكر بعقلك كي تعرؾ كينونة آتوم ،وتراه بعينيك ،وتري أي نظام بديع في الكون: الضرورة هي التي تحكم كل ما تري ،والخير واالحسان في كل ما كان وفي كل ما سوؾ يكون. أنظر إلي الحياة التي تمؤل المادة وأشهد آتوم في تردداتها. تؤمل الكون في جسده القديم ،والذي يتجدد أبدا في عنفوانه. وانظر الي الكواكب الدوارة في الزمن األبدي ،والي نيران السماء الروحية التي تحيلها الشمس ضياء وتشع بالخير علي العالم. انظر الي القمر المتؽير أبدا يحكم الميبلد ،والنماء ،والفناء. انظر الي النجم القطبي ،اليشرق ،واليؽرب ،لكنه ثابت في نقطة علي محور تدور حوله األبراج والكواكب. أنظر الي الشهب التي تدعي 'نجوم النبي' تظهر عدة أيام من بيتها الخفي تحت دائرة الشمس عندما ينتظر العالم مصير جديد. فمن ذا الذي يحافظ علي مثل هذا النظام البديع؟ الشمس أعظم مبلئكة السماء ،إنها كملك يقدم اليه اآلخرون فروض الوالء. إال أن ذلك الملك القوي يخضع بتواضع ،لتدور فوقه الكواكب الصؽيرة ،فمنذا الذي يطيعه هذا المبلك بخشية؟ وكل نجم يسبح في مداره في الكون ،فلماذا التسير جميعا في مدار واحد؟ ومن ذا الذي كلؾ كبل منها بمداره؟ النجم القطبي يدور حول نفسه ،ويحمل معه الكون بؤكمله. فمن ذا الذي أسند اليه هذا الواجب؟ ومن ذا الذي أرسي األرض وجعلها شواطيء للبحار؟ البد أن يكون لكل هذا صانع وسيد. واليمكن أن تكون قد حدثت بذاتها. كل األنظمة البد أن تخلق ،واليخرج عن ذلك القياس سوي ماهو حادث بالصدفة. إال أن انعدام النظام في حد ذاته طوع للسيد الذي يفرض عليه النظام. إذا كان من الممكن أن نكتسب أجنحة نطير بها بين السماء واألرض ،فسوؾ نري األرض الصلبة، واألنهار الجارية ،والرياح الجوالة ،والنيران الثاقبة ،واألنجم الدوارة ،والسماء الحاضنة تحيط بكل شيء.
فؤية سعادة أن نري كل ذلك محموال علي ومضة واحدة الدراك المحرك ؼير المتحرك ،الذي يتحرك في كل ما يتحرك ،الخفي الذي يتجلي في كل أعماله. تؤمل للحظة كيؾ تؤتي لك أن تخلق في الرحم. فكر في صنع القادر وابحث عن الصانع الذي ابدع جمال صورة الخالق. فمن ذا الذي أدار حدقة عينيك؟ ومن ذا الذي فتح أنفك وفمك وأذنيك؟ ومن ذا الذي مد اربطتك وربطها ببعضها؟ ومن ذا الذي انشؤ عظامك وكسي لحمك بالجلد؟ ومن ذا الذي سوي أصابعك وبسط قدميك؟ ومن ذا الذي شكل قلبك وجوؾ رئتيك؟ ومن ذا الذي جعل جمالك ظاهرا ،وأخفي قبح أمعائك؟ كم من الصنائع صنعت ،وكم من األعمال أبدعت لتجسيد المخلوق االنساني؟ فبل التماثيل وال التصاوير تحدث من تلقاء ذاتها دون عمل ناحت أو راسم. أفبل يكون لهذا العمل المتعالي من خالق؟ 5الكون الحي العقل األول الذي هو حياة ونور ،خلق عقل الكون. والعقل األول ثابت اليتحرك ،خالد اليتؽير ،يحتوي علي عقل الكون الذي التدركه الحواس. والكون الذي تدركه الحواس ،هو نسخة وصورة من عقل الكون الخالد ،كؤنه انعكاس في مرآة. فؤول الخلق ببل بداية آتوم ،وثاني الخلق الكون ،مخلوقا علي شاكلة آتوم ،خالد أبدا. وألن كل ما في الكون هو جزء منه ،فمن المستحيل أن يموت. والكون هو الحياة بؤجمعها. ومن أساس الحياة األول ،لم يوجد شيء إال وينبض بالحياة. فلم يكن ،ولن يكون في الكون أبدا ماهو ميت. آتوم هو النور ،ومصدر الطاقة الخالد أبدا ،مانح الحياة ذاتها أبدا ،والتي يحكم مددها قوانين الكون الخالدة. كينونة الكون هي في الطاقة الخالدة أبدا ،والتي تتبع منها كل أشكال الحياة ،ويستحيل عليها أن تتوقؾ أو تفني ،تضمها وتربطها قوة الحياة األبدية.
ويمنح الكون هذه الحياة لكل األشياء التي يحتويها ،فاألبدية تمنح الكون الحياة ،والكون بدوره يمنح الحياة لكل ما فيه. والعقل والروح تجسد للنور وللحياة ،وكل شيء يتحرك بقوة الروح. وجسد الكون الذي يحتوي كل األجساد مشبع تماما بالروح. والعقل يضيء الروح بكاملها ،والعقل ينبع بتمامه من آتوم. والروح تمؤل وتحيط بجسد الكون بكامله ،وتمنح الحياة للمخلوق العظيم الكامل الحي الذي هو الكون، والذي يمنح بدوره الحياة لكل المخلوقات األدني التي يحويها. والكون هو الكل الذي يولد ويؽذي كل مكوناته كاألب الذي يحدب علي أبنائه. ويستمد الكون قوامه من إحسان آتوم ،وتلك هي قوة الخلق العظمي الحقيقية ،فالكون صورة آتوم هو الخير المطلق ،فكذلك الكون هو خير.
6دورة الزمن
بمعني ما ،فالكون اليتؽير ،إذ تخضع حركاته لقوانين ثابتة تجعله يدور الي االبد ببل بداية أو نهاية. وأجزاإه تظهر ،وتختفي ،وتخلق من جديد مرة بعد مرة ،في نبضات الزمن التي التفتر. ومن خبلل الزمن تنتظم الحياة وتستمر. ويجدد الزمن كل شيء في الكون بدورة التحوالت التي يضبطها مبلئكة السماء :يعودون ابدا الي مواضعهم في دورانهم السرمدي. ينبثق الحاضر من الماضي ،وينبثق المستقبل من الحاضر. وتتوحد جميع األشياء بهذه الديمومة. والزمن كالدائرة ،تتصل نقاطها حتي أنك التستطيع تحديد أولها من آخرها ،حيث تتبع كل نقطة ما يسبقها وتتبعها ما تلحقها إلي األبد. إال أن هناك فهما أعمق ،حيث ينسلخ الماضي واليكون أبدا ،والمستقبل لم يولد بعد ليكون ،وحتي الحاضر اليستمر ،فكيؾ يمكن القول بوجوده إذا لم يكن ثابتا للحظة واحدة؟
7المبلئكة
خلق عقل الكون من النار والهواء ،واألفبلك السبعة التي تحكم المصير ،والكواكب الخمسة المرئية والشمس والقمر ،تحكم مداراتها عالم الحواس. وهذه القوي الكونية تدرك بالفكر وحده ،وتسمي المبلئكة ،وهي تترأس العالم. ويرأسها مبلك المصير الذي يعمل علي تحوالت األشياء تبعا لقانون النماء الطبيعي ،ليخلق من الواقع الدائم الثابت عالما مطرد التحوالت. ويحكم آتوم المبلئكة السماوية ،ويمتح منها في المادة قبضا الينقطع من الروح. والمادة رحم خصب يحمل كل شيء. وتتشكل المادة في كل األشكال ،وتحولها طاقة الروح دوما من شكل آلخر. ويشرؾ آتوم علي هذه التحوالت بحيث يقدر لكل شكل روحا تناسبه في مقام الكائنات. واألرض هي مستودع كل المواد التي تعطي ،ثم تؤخذ بدورها الحياة من األعالي. والشمس 'رع' توحد السماء واألرض ،وترسل طاقتها من األعالي ،وترفع المادة من الحضيض. ويجتذب رع الي ذاته الحياة ،ويهب الحياة من ذاته ببل توان ،يمنح الضياء للجميع. واليقتصر نفع رع علي السماء وحدها ،بل يحيط أيضا بؤعماق األرض الخفية. وهو ليس كآتوم النور الخفي الذي اليدرك إال بالعقل وحده وبالتؤمل الواعي. ويوجد 'رع' في الزمان والمكان ،ويمكن أن نجتليه بؤبصارنا ينشر الضياء في الكون ،يحتل المركز، ويلتؾ به الكون كإكليل يستضيء به من كل الجهات. ويدع 'رع' الكون سائرا في مداراته ولكنه اليسمح له بؤن يضل ،فقد ربط الكون إليه كقائد عربة ماهر بمقود من ضياء ،يمنعها من االندفاع في فوضي. والشمس صورة من الخالق المتعالي عن السماء ،وكما يمنح الخالق الحياة للكون يمنح رع الحياة للحيوان والنبات. وجسده مصدر الضياء المرئي ،واذا كان هناك ماهو أشبه بالمادة التي التدركها الحواس ،فانها صادرة من ضياء الشمس ،أما كنهها وكيؾ تشع فآتوم وحده يعلم. وتصب الشمس دوما ضياء وحياة ،حيث يؽذي 'رع' كل النباتات لتثمر ثمارها األولي التي نتجت بضيائه
وبيديه القويتين أخرج العطور الحلوة من أزهارها. إن أرواحنا تتؽذي بنفس الطريقة كالزهور السماوية بنور آتوم وحكمته ،وفي المقابل علينا أن نكرس في خدمته كل ما ينمو في داخلنا.
8تراتب الخلق
خلق آتوم عقل الكون، وعقل الكون خلق الكون، والكون خلق الزمن، والزمن خلق التؽير. جوهر آتوم هو االحسان األول، وجوهر عقل الكون هو الثبات والمثلية، وجوهر الكون هو النظام الجميل، وجوهر الزمن هو الحركة، وجوهر التؽير هو الحياة.
يعمل آتوم بالعقل والروح، ويعمل عقل الكون بالخلود والدوام، ويعمل الكون بالبدء والعود، ويعمل الزمن بالزيادة والنقصان، ويعمل التؽير بالكيؾ والكم.
وعقل الكون في آتوم، والكون في األبدية والزمن في الكون،
والتؽير في الزمن.
عقل الكون مرتبط أبدا بآتوم، والكون مكون من األفكار التي في عقل الكون.
وعقل الكون صورة من آتوم، والكون صورة من عقل الكون، والشمس صورة من الكون، واالنسان صورة من الشمس.
9خلق اإلنسان
الخالق الذي ندعوه آتوم لعجزنا عن تسمية أفضل عندما خلق المبلك الثاني الذي هو الكون كان مبتهجا. لقد كان خلقه جميبل مترعا باالحسان فؤحبه كابن له. ولرحمته أراد آتوم أن يكون هناك مخلوق قادر علي االعجاب بجمال خلقه. فخلق بمشيئته االنسان كي يقلد حكمته الربانية وحبه االلهي. وسؤل آتوم كل مبلك في السماء ' ماذا يمكنك أن تقدم لئلنسان الذي سوؾ أخلقه؟' فقالت الشمس إنها سوؾ تسطع طوال النهار تؽذي بالضحكة والفرحة عقول الفانين والعالم أجمع. ووعد القمر بؤن يمنح االنسان النوم والصمت ويضيء الليل. وقدم زحل العدالة والضرورة. وأعطي المشتري السبلم وتولي المريخ الصراع والزهرة تطوعت بالحب والبهجة أما عطارد والذي يدعي ايضا هيرميس فقال: ' سوؾ أعمل علي أن يكون االنسان ذكيا ،وسوؾ أنقل له الحكمة ومعرفة الصدق ،ولن أتواني عن نفع
االنسانية'. وسر آتوم عندما سمع تلك الكلمات وقال كلمته بان يخرج االنسان للوجود. العقل الكلي الذي هو حياة ونور ،خلق االنسانية التي حملت صورته ،ووجد مسرة في خليقته. لقد ارتبط االنسان بوشائج قربي للمبلئكة فبجلها بالتقوي واألفكار القدسية ،في حين نظر اليه المبلئكة باهتمام وحب ورحمة. في أول األمر كان االنسان روحانيا وخالدا ،ولكن آتوم رأي أن خلقه الجديد لن يرتبط باألرض مالم يكن له درع مادي يمنحه جسدا فانيا وروحا خالدة. وهكذا خلق آتوم الطبيعة ،وبكلمته خلق شكل المرأة ،وكانت حلوة حتي ان المبلئكة صعقت من جمالها. وجعل آتوم الطبيعة سيدة العالم. وتوحدت مع ذاتها حتي أنتجت كل البذور التي خلقها آتوم وبذرها بيديه علي األرض التي هي أم لكل المخلوقات األرضية. وامتؤلت األرض حبا لبلنسان ،وضمته إليها حتي توحدا بالحب. وامتزج فيه الفاني والخالد ،حتي يستطيع االنسان أن يقوم بواجبه نحو كل من مصادر خلقه. أوال ،أن يخدم هللا بتقديس وتسبيح مافي السماء، وثانيا :أن يرعي ما علي األرض بزراعة التربة ،ومبلحة البحار ،والبناء علي األرض ،وبان يخدم بعضهم البعض ،وهي اقوي الروابط التي تصل االنسان باالنسان. ثم إن آتوم سيد الخليقة وهب االنسان قدسية التناسل المفعمة بالعاطفة والفرح والسرور والشوق وبكل الحب السماوي الذي هو من كيانه. كان علي أن أوضح طبيعة تلك الرابطة المقدسة التي تربط الرجل والمرأة معا ،مالم يكن كل منا قادرا علي ممارستها ،واستكشاؾ أعمق مشاعرها. فتؤمل تلك اللحظة السامية ،عندما يتوحد كل جنس مع اآلخر: يمنح احدهما ويتعلق اآلخر بشؽؾ. وفي لحظة اختبلط الطبيعتين تكتسب األنثي قوة الذكر ،ويسترخي الذكر في أحضان األنثي. وهذا الحدث الحلو المكرس الذي نحتفي به يتم في خفاء. فلو انه تم علنا امام عيون دنسة ،فقد يسخر الجاهل ،وسوؾ تنسحب القوي الربانية من الجنسين حياء.
10مولد حضارة االنسان
لقد تؤملت االنسانية في تقوي جمال وديمومة الخلق. السماء البديعة يؽمرها الضياء ،وجبلل الليل المظلم تضيئه المصابيح االلهية ،وتتبع القوي الكوكبية مساراتها الثابتة في السماء ،تبعث النماء في األحياء باسرارها. ونظر االنسان بعجب وتساإل بعد ان الحظ تحفة الخالق ،واراد ان يخلق هو أيضا أشياء في حد ذاتها. وسمح الرب ان تشارك مبلئكة الكون االنسان بشيء من قواها. وحيث ان العالم من صناعة آتوم ،فقد تعاون كل من حمل مسئولية في إظهار جماله مع مشيئة آتوم، باالسهام بقواهم بالرعاية والعمل اليومي لجعل األشياء تتخذ مسار نموها الذي أراده لها آتوم. الصدفة هي الحركة ببل نظام ،والمهارة هي قوة خلق النظام. فيعم النظام األرض بالمعرفة االنسانية ،وبتطبيق العلوم والفنون ،اذ رأي آتوم أال يكتمل العالم حتي يلعب االنسان دوره. لقد بارك آتوم صانع الكون األرض لفترة حياة والدنا األعظم أوزير ووالدتنا المبلك األكبر ايزيس حتي يمنحانا المعونة التي نحتاجها. فؤهديا لؤلرض الدين الرباني وأوقفا المذابح بين الناس ،وأقاما شعائر العبادة توافقا مع القوي المقدسة للكون. أقاما المعابد ،وقدرا قرابين التقرب للمبلئكة التي كانت أسبلفهم. ووهبا اعطيات الطعام والمؤوي. وعلما االنسان تحنيط أجداث موتاه الفانين كي التبلي. وبعد أن عرفا قوانين آتوم السرية سنا القوانين للناس. وقدما للناس مبلك العهد المسئول كؤساس للتعهدات والثقة المتبادلة. ووضعا أصول قبول وتدريب الكهنة المتنبئين ،حتي يؽذوا بالحكمة أرواح الناس ،ويعالجوا أمراض الجسد بفنون الشفاء.
11االنسان أعجوبة
آتوم هو األول والكون هو الثاني واالنسان هو الثالث آتوم واحد، والكون واحد وكذلك االنسان مثله مثل الكون كل واحد من أجزاء مختلفات. لقد صنع الصانع االنسان ليشاركه الحكم ،واذا قبل االنسان هذا العهد بالكامل ،صار مصدرا للنظام في العالم. قد يعرؾ االنسان ذاته فيعرؾ الكون ،بالوعي بؤنه صورة آتوم وصورة الكون. ويختلؾ عن ؼيره من المخلوقات الحية األخري من حيث انه يمتلك عقبل. وبالعقل يمكن ان يتوحد مع الكون ،الذي هو المبلك الثاني ،وبالفكر يمكن ان يصل الي معرفة آتوم اإلله الواحد. وجسد االنسان يحتوي علي عقل خالص ،كما لو كان حديقة مسورة ،تحميه وتعزله ،حتي يمكنه العيش في سبلم. ولبلنسان طبيعة مزدوجة :فهو فاني الجسد خالد الذكاء. يعلو علي السماء ،ولكنه ولد عبدا للمصير مزدوج الجنس هو مثل ابيه. ساهد هو مثل ابيه. ولكنه محكوم برؼبات جسدية ،تائه في قبضة النسيان. االنسان فقط من بين كل ما له روح له طبيعة ثنائية، احدهما يدعي 'صورة آتوم' وهو فرد ،الينقسم ،وروحاني وخالد ،واآلخر مصنوع من مواد العناصر. أحدهما يؤتي من العقل األول ،وله قوة الخالق ،وقادر علي معرفة آتوم ،واآلخر موضوع في االنسان بفعل دورات السماء. واالنسان هو أكثر الكائنات ربانية ،فمن بين جميع المخلوقات اليخالط الرب سواه ،يتحدث اليه في األحبلم ليبل ،ويعلمه نبوءة المستقبل في طيران الطير ،وفي شكل أمعاء الحيوان وهمسات السنديان.
وكل المخلوقات األخري التسكن سوي منطقة واحدة في الكون ،فالسمك في الماء والحيوان علي األرض، والطير في الهواء. لكن االنسان يخترق كل تلك العناصر ،وبثاقب نظره يمكن ان يري السموات. واالنسان يفوق مبلئكة السماء في الكبلم ببل خوؾ ،أو علي األقل يكافئها ،حيث ان المبلئكة لن يخرجوا عن حدودهم السماوية ليهبطوا الي األرض ،لكن االنسان قادر علي الصعود الي السماء دون ان يترك مكانه في األرض. قواه تستطيع االحاطة بشاسع المسافات. وبمشيئة آتوم صار االنسان مزيجا من خلود الربوبية ،وفناء المخلوقات. هو أكبر من أن يكون مجرد انسان فان ،واعظم من ان يكون مجرد كائن خالد. االنسان اعجوبة تستحق التشريؾ ،والتبجيل ،فله صفات المبلئكة كما لو كان واحدا منهم ،وقد عرؾ المبلئكة ألنه علم انه نشؤ من نفس األصل. ويرفع الي السماء عيونا مؤلي بالتقوي ،ويفلح األرض تحت أقدامه. وقد باركه الرب بؤن يكون وسطا ،فيحب كل ماهو أدني ويحبه كل من هو أعلي. واثق في ربوبيته فهو يستطيع أن يلقي عنه طبيعته االنسانية. يستطيع أن يتواصل مع الكل ،فحدة فكره تنزل به الي أعماق البحار ،وال تبعد عن حكمته أقطار السموات. وذكاإه يخترق العناصر ،فالهواء بضبابه الكثيؾ اليعمي رإي عقله ،وحجب األرض وأعماق المياه التؽشي ثاقب بصره. االنسان كل شيء. االنسان في كل مكان. يستطيع االنسان تلقي نور الحياة الربانية ،كما يستطيع منح هذا النور. يستطيع االنسان ان يرتفع الي مصاؾ المبلئكة ،كما يستطيع ان يخلقها بفكره. وكما قدر آتوم ان يكون داخل االنسان مخلوقا علي شاكلته هو ،كذلك نخلق نحن علي األرض المبلئكة علي شاكلتنا. اال يستحق ذلك العجب؟ هناك اذن ثبلثة :آتوم ،والكون .واالنسان. آتوم يحتوي الكون ،والكون يحتوي االنسان. الكون ابن آتوم ،واالنسان ابن الكون وحفيد آتوم.
آتوم اليتجاهل االنسان ،بل يعيه تماما مثلما يريد ان يعيه االنسان تماما ،ولذلك فقط كان هدؾ حياة االنسان وخبلصه هو الصعود الي السماء ومعرفة آتوم.
12البروج والمصير
عندما خلق الخالق هذا الكون البديع المنظم ،اراد ان ينظم العالم ايضا ،فؤرسل االنسان المخلوق الفاني الذي ابدع علي صورة الكيان الخالد كي يصبح زينة العالم. وعمل االنسان هو اكمال عمل آتوم. فقد صنع ليري الكون بخشية وعجب ،ويعلم خالقه. وفي مبدأ األمر شكت المبلئكة قائلة: ' لقد تسرعت في خلق االنسانية ،فهم ينظرون بعيون متسائلة ،ويسمعون ماال يحق لهم سماعه ،وتمتد ايديهم بوقاحة ،فيحفرون عند جذور النبات ،ويتحرون خصائص الصخور ،ويشرحون الحيوانات األدني، كما يشرحون بعضهم البعض ايضا ،وسوؾ يبحثون الكتشاؾ كيؾ تؤتي لهم ان يعيشوا ،وماذا خفي عنهم ،وسوؾ يقطعون ؼابات مواطنهم ويقلعون في البحار ليعلموا ما وراءها ،وسيحفرون المناجم كي يفتشوا في أعماق األرض. وقد يكون كل ذلك محتمل ولكنهم سيؤتون بماهو أنكي ،فسوؾ يبحثون في العالم العلوي بالمبلحظة الكتشاؾ القوانين التي تحكم حركة السماء'. وأجاب آتوم: ' سوؾ أبني األفبلك بآلية سرية في النجوم كي تتصل بالمصائر التي التفتر ،وسوؾ تخضع حياة االنسان من مولده حتي مماته ألعمال هذه اآللية الخفية'. وعندما بدأت األلية في العمل ،اشرؾ مبلك المصير ثاقب البصر علي حركتها وضبطها. ومن هذه اآللية التحم المصير بالضرورة ،يبذر المصير البذور ،وتدفع الضرورة بالنتاج. وقد بدأ النظام مع بداية المصير والضرورة ،النظام الذي هو نسيج األحداث المتداخل في الزمن. إن آتوم يكسو كل روح انسانية باللحم بواسطة الكواكب الدوارة في السماء. إن قدر االنسان أن يعيش حياته حسب المصير المكرس من أجله علي يد القوي السماوية ،ثم يفني
ويذوب في العناصر. وهناك من سيبقي اسمهم علي الصروح الجبارة التي بنوها ،ولكن اسماء كثيرة ستخبو في الظبلم. قليل من سيستطيع الهرب من مصيره ،أو التحسب من النفوذ الرهيب لؤلبراج ،والتي هي أدوات المصير، تدفع بالحدثان في عالم االنسان. ولكن اذا استضاء الجانب العقبلني في روح االنسان بشعاع واحد من نور آتوم ،فستحبط أعمال مبلئكة القضاء والقدر إذ الحول لها أمام النور األسمي. إال أن هإالء الناس قبلئل ،والؽالبية تسوقها المبلئكة الذين يحكمون العالم األرضي مستخدمين أجسادنا كؤدوات للمصير. ولكنني أعتقد أن واجبنا هو أن نرضي بؤحوالنا االنسانية ،وأال نكؾ عن التؤمل العميق ألمور السماء، وأن نرتفع بذواتنا ،عن مجرد طبيعتنا الفانية.
13العام والخاص
لقد رتب آتوم افبلك الكون علي اتساق مع حركة الطبيعة ،وأسند إليهم انتاج جميع أشكال األحياء. وعندما استخدم هإالء المبلئكة قواهم المختلفة ،أنتجوا ذوات األربع ،والزواحؾ ،واألسماك ،والطيور، والحشائش ،والنباتات المزهرة ،كل حسب طبيعته المختلفة ،وكل يحتوي علي بذرة بقاء نوعه. وكل كائن حي له شكله الخاص الذي منحته اياه قوي األفبلك. وذلك الشكل متوافق مع نوعه ،اال انه فرداني. فجنس االنسان علي سبيل المثال ،يشترك في صفات شكلية عامة ،نعلم منها ان انسانا هو انسان ،اال ان لكل فرد من بني االنسان شكبل خاصا به بحيث اليتشابه اثنان منهما تمام الشبه. فكل شكل فريد في ذاته ،حيث انه خلق في مكان وزمان معينين. تختلؾ األشكال الخاصة في كل لحظة من كل ساعة ،مثلما تدور مبلئكة األفبلك في مداراتها السماوية. والتختلؾ بذلك األشكال العامة ،مثلما تبقي األفبلك علي حالها. ولكن تختلؾ األشكال الخاصة لحظة بلحظة ،كلما تؽيرت أوضاع األفبلك في دورانها في السماء. تمطر السماء ثم تقلع ،ويؤتي الحر ويليه القر ،وتتبع الظلمة الضياء ،لكن تلك التحوالت جميعا تقع في
حدود شكل السماء العام. واألرض دائمة التؽير ،تلد وتنتج محاصيل مختلفة ،لكنها األرض باقية أبدا. والمياه قد تركد ،وقد تفيض ،ولكنها المياه ابدا. والجسد االنساني معبد أرضي ،انشؤته حركة األفبلك التي تنتج أشكاال ال نهائية من نماذج بسيطة. هناك اثنا عشر فلكا ،تنتج اشكاال تقع في اثنا عشر نوعا ،اال انها التنفصل عن بعضها البعض في حركتها. والطبيعة تصنع الجسد االنساني بحيث يردد تكوينه نماذج النجوم ،وبحيث يإثر كل منهما في اآلخر بالتبادل. وحينما نولد ،ترعانا مبلئكة األفبلك التي تسيطر علي وقت الميبلد. وهذه القوي الخاصة التي تتؽير مع دوران األفبلك ،تتخلل الجسد ،وتصوغ شكل الروح .وتتخلل اعصابنا، ونخاعنا ،وشرايننا ،واوردتنا ،واعمق أعضاء جسدنا.
14تجسد األرواح
كل األرواح من روح واحدة هي روح الكون. وكل األرواح ذات طبيعة واحدة ،فليست ذكورا واناثا ،فمثل تلك الفوارق التظهر اال في البدن. وفي العامل العلوي هناك نوعان من المبلئكة في خدمة احسان اتوم' :حراس األرواح' و'مرشدو األرواح'. وحارس األرواح مهمته العناية باألرواح التي ؼادرت أجسادها ،ومرشد األرواح يرسل الروح من آن آلخر كي تتجسد في بدن جديد. والطبيعة تعمل الي جانب مرشدي األرواح حيث تصنع وعاء فانيا تصب فيه الروح. والطبيعة أيضا لها مساعدان يطلق عليهما الذاكرة والمهارة. فالذاكرة تعمل علي ان تنتج الطبيعة اشكاال فردية هي نسخ من األشكال الكونية المثالية. والمهارة تعمل علي ان يناسب كل شكل فردي الروح التي سوؾ تحل به ،بحيث يكون للروح النشطة جسد نشيط ،وللروح المترهلة جسد مترهل ،وللروح القوية جسد قوي.
والروح المتعالية لها أرديتها الجسدية الخاصة ،والتي هي أيضا روحانية. وهي أردية من األثير ،حينما تكون رقيقة شفافة تكون الروح ذكية. وحينما تكون كثيفة ؼائمة كالهواء العاصؾ ال تستطيع الروح أن تري سوي محنتها القريبة. واالختبلؾ في شخصيات الفراعنة التتحد بطبيعة أرواحهم ،فكل األرواح الملكية شبيهة بالمبلئمة ،ولكن تحددها طبيعة المبلئكة التي أرشدتها كي تتجسد. واألرواح من هذا النوع تتجسد ألداء مهام متعالية ،وال تتنزل الي األرض دون صحبة مبلئكية. فالعدالة الربانية تعلم كيؾ تسند الي كل تكليفه حتي عند نفيه من عامل السعادة. فحينما تصطحب الروح مبلئكة محاربة فسوؾ يشن ذلك الفرعون حروبا. وحين يكون المبلئكة المرافقون مسالمين فسوؾ يشيع الفرعون السبلم. وحين يكون المبلئكة موسيقيين فسوؾ يإلؾ الفرعون الموسيقي. وحينما يكونون عادلين فسوؾ يحكم الفرعون بحكمة. فاألرواح تتعلق بالضرورة بطبيعة المبلئكة المرافقين لها في رحلة التجسد علي األرض ،اذ انهم ينسون طبيعتهم األصلية عندما يهبطون الي الحالة اإلنسانية ،واليتذكرون سوي طبائع المبلئكة التي حبستهم في ذلك القبر الفاني. والقوي التي رافقت الروح التصل معا ،فبعضها يدخل الي الروح لحظة الميبلد ،ويعمل علي الجوانب ؼير العقبلنية الروح. والقوي األنقي تدخل في فترة الصبا وتتعاون مع الجوانب ؼير العقبلنية للروح. لقد رأيت رإيا لبعض األرواح التي علي وشك االحتباس في أجساد. بعضها يصرخ ويتؤوه ،وبعضها يصارع مصيره ،مثل الحيوانات النبيلة ،التي صادها صياد ماهر ،ليبعدها عن موطنها في البرية. وقد صرخ أحدها وهو ينقل البصر بين األعلي واألسفل: ' ياللسماء ،يامصدر الوجود ،ايتها األنجم المنيرة ،أيتها الشمس وأيها القمر اللذان اليفتران ،يانور ويانسمة الحياة من الواحد ،ياكل من يشاركنا في وطننا األصلي ،كم هو قاس ان ننتزع من ذلك البهاء السماوي! إننا نطرد من ذلك العالم المقدس ،ومن الحياة المباركة التي نعيشها هنا ،كي نحتبس في مكان ذليل أسيؾ. أي احتياج شديد سنواجه؟
وأية فعال كريهة علينا أن نقترؾ لتلبية رؼبات جسد فان محكوم عليه بالموت؟ ستري أعيننا القليل ،المحدود بطبيعة تلك األجسام. وعندما نري أن عالمنا السماوي الواسع قد ضاق حتي أصبح كحدقة عين ،فلن تنتهي أحزاننا. ولن نستطيع أن نري بوضوح بعد أن حكم علينا بالظبلم. وعندما نري إخواننا وأخواتنا في مهب الرياح سيتملكنا الحزن. حيث إننا لن نستطيع ان نتنفس معهم في ايقاع واحد'.
15الموت والخلود
نهاية الكينونة بداية الفناء ،ونهاية الفناء بداية الكينونة. كل ما علي األرض يفني ،فبدون الفناء الخلق جديد. يؤتي الجديد من القديم ،فكل مولد لجسد حي مثل نمو النبات من الحبة يتبعه فناء. من التحلل يؤتي البعث ،حسب دورات مبلئكة السماء ،وقوة الطبيعة ،والتي تؤتي كينونتها من كينونة آتوم. الزمن مدمر لبلنسان ،أما للكون فهو عجلة دوارة الي األبد. تلك األشكال األرضية التي تروح وتؤتي هي خياالت. فكيؾ يتؤتي لشيء أن يكون حقيقيا وهو اليفتؤ عن التؽير المستمر؟ لكن تلك األشياء العابرة الوهمية تنبع من حقيقة ثابتة دائمة. الميبلد ليس بداية الحياة ،فهو اليعدو أن يكون مولد وعي شخصي. والموت تؽير الي حالة أخري ،فهو اليعدو أن يكون نهاية لذلك الوعي. ومعظم الناس جاهلون بالحقيقة ويخافون الموت ،يعتقدون انه اسوأ الشرور. لكن الموت اليعدو ان يكون هو تحلل الجسد الفاني. وينتهي دورنا كحراس للعالم عندما نتحرر من روابط الجسد ،فنعود مطهرين الي الحالة األولي من طبيعتنا العلوية. وبعد أن نهجر الجسد ،يتحرر العقل الذي هو رباني بطبيعته من كل متعلقاته.
ويتخذ سمتا من ضياء ،يتردد في كل األكوان ،تاركا الروح لتحاكم ،وتعاقب حسب أعمالها. والتذهب كل األرواح الي مكان واحد ،وال الي أماكن عشوائية ،لكن كل روح تإتمن الي المكان الذي يناسب طبيعتها. وعندما تترك الروح الجسد تتعرض لمحاكمة واستجواب رئيس المبلئكة. وعندما يجد أن الروح شريفة ظاهرة يسمح لها بالحياة في مكان يناسب طبيعتها. أما إذا وجد أنها ملوثة بجهل عضال فإنه يقذؾ بها الي األنواء واألعاصير ،تصطخب حولها الي األبد في الرياح العاصفة ،ما بين السماء واألرض. ولن يعرؾ آتوم سوي الروح الربانية التي لم ترتكب خطؤ في حق احد. تلك الروح قد فازت في السبق الي الطهارة وأصبحت عقبل كليا. وبعد أن تهجر كينونتها المادية تصبح روحا في جسد من ضياء حتي تعمل في خدمة آتون. وعندما يتحلل الجسد يتحلل الشكل المادي أوال وال يري بعد ذلك. وتعود الروح الحية الي الفضاء ،وتعود الحواس الجسدية الي الطبيعة ،حيث تتؤلؾ بطرائق جديدة، وتعمل اعماال اخري. وتصعد الروح الي أعلي في طبقات السماء، ففي الطبقة األولي تتحرر من النمو والضمور، وفي الثانية تتحرر من الشرور والمكر، وفي الثالثة تتحرر من الشهوة والخداع، وفي الرابعة تتحلل من الؽرور والسيطرة، وفي الخامسة تتحرر من الصفاقة والتهور، وفي السادسة تتحرر من الطمع والثروة، وفي السابعة تتحرر من الخديعة والزيؾ. وبعد ان تتطهر بطبقات السماء من كل ما حاق بها تمتلك الروح قواها الحقة ،وقد تتعالي الي الطبقة الثامنة لتبتهج من كل الذين يرحبون بها وهم يسبحون لؤلب. ويسبح المبلئكة الذين يسكنون فوق الطبقة الثامنة بؤصوات تميزهم وحدهم ،ينادون األرواح كي تسلم هلل ،وتصير من مبلئكته بالتوحد مع آتوم. هذا هو الخير واالحسان القديم، وهذا هو اكتمال المعرفة الحقة.
وبعد ان يتم قبولها في الخلود ،تتحول الروح االنسانية الي مبلك ينضم الي المبلئكة الذين يهللون ويسبحون احتفاال بانتصار الروح.
16جهل الروح
من المستحيل دوام السعادة طالما التصقت الروح بالجسد. وعلي االنسان تدريب روحه في هذه الحياة الدنيا حتي اليضل طريقه اذا دخل الحياة األخري التي يستطيع فيها اجتبلء آتوم. فهنا علي األرض يكمن أمل الروح في حياة الخلود. وكثير من الناس اليصدقون ،ويعتقدون انها حكاية فارؼة تستحق السخرية ،اذ ان ممتلكات الحياة الدنيا تبعث علي السرور. ومثل تلك المسرات تخنق الروح ،وتربطها الي الحياة. تمتلكنا امبلكنا. لم نولد مالكين ولكننا احتزنا امبلكا. وكل ما يستخدمه المرء الرضاء جسده ؼريب عن طبيعته األولي ،التي هي اشبه بالكائنات اإللهية. وليس األمبلك فقط ،ولكن الجسد ذاته ؼريب عن النفس الحقة. ان عقل الكون ال يبلػ إال بالفكر واحد. والروح التي التري عمياء عن خير وإحسان آتوم ،تتخبطها األهواء التي تعتري الجسد. فؤي نار تحرق مثل الدنس؟ وأي وحش جائع لديه القوة علي تمزيق الجسد مثلما يفعل الدنس بالروح؟ أال تري العذاب الذي تحترق فيه الروح الدنسة؟ إنها تصرخ: ' إنني أحترق وأتعذب في النار، ال أدري ماذا أفعل أو ماذا أقول، يلتهمني البإس الذي يتملكني'
أليست هذه الصرخات توسبلت روح تتعذب؟ روح تحمل الجسد كسيد لها وليس خاتما. مزق ذلك الرداء الظبلمي ،ذلك النسيج الجاهلي ،تلك القيود الماحقة ،حياة الموت والعدم :القبر الذي تحمل ،اللص الذي يسكن المنزل ،العدو الذي يكره كل ما تحب ،اللباس الذي يطحنك ويشدك الي األرض. الجهل الذي يفيض علي األرض تجتاحك أنواإه ،فبل تجعله يحملك في تياره. اسبح عكس التيار. وابحث عن مرفؤ التحرر اآلمن. ارس عليه ،وستجد مرشدا يقودك الي بيت المعرفة. وهناك ستري بقلبك النور الساطع. أما إذا أؼلقت علي روحك في جسدك وقللت من شؤنك قائبل: ' ال استطيع أن أعرؾ ،إني خائؾ ال أستطيع الصعود الي السماء' فؤي شؤن لك بآتوم؟ أيقظ روحك النائمة. فلم تسلم نفسك إلي الموت بينما تستطيع الخلود؟ لقد سكرت بالجهل عن آتوم ،وقد أعياك جهلك ،وأنت اآلن تتقيؤه. افرغ نفسك من الظبلم وسوؾ تمتليء بالنور. ليس هنالك خطؤ أعظم من أن تحوز القدرة علي إدراك آتوم التفعل. فمجرد الرؼبة واألمل في معرفته طريق الي الخير. وهو طريق سهل. سوؾ يبلقيك آتوم في أي مكان ،فانظر باحثا عنه ،في أزمنة وأماكن التتوقع أن تجده فيها. سواء أكنت يقظا أو نائما ،مسافرا علي البر أو في البحر ،ليبل أو نهارا ،صامتا كنت أو متحدثا ،ذلك أن آتوم هو الكل.
17معرفة آتوم
كي تعرؾ آتوم عليك ان تتمثل به ،فالشبيه فقط يعرؾ شبيهه بالحق. أهجر عالم المادة ،وتخيل نفسك متسعا ببل نهاية. ارتفع عن الزمن الي األبدية. واعتقد أنه الشيء يستحيل عليك، تخيل أنك خالد وعالم بكل العلوم. واسكن خطرات كل كائن حي. ضع نفسك فوق كل مايعلو ،وتحت كل األعماق. وتبن في ذاتك كل المتناقضات من حر وقر ،من صبلبة وسيولة. واعتقد أنك في كل مكان في نفس الوقت ،علي األرض ،وفي البحر ،وفي السماء. تخيل نفسك جنينا في الرحم ،ولكنك أيضا شاب وشيخ وجدث ميت ،وفي عالم ما وراء القبر. وتؤكد أن كل شيء يتعايش مع كل شيء في العقل ،كل األزمنة واألماكن ،كل األشياء بكل األشكال وبكل األحجام. عندئذ ستعرؾ آتوم. واذا أمكن التحدث عن كنه آتوم ،فمادته اإللهية هي العقل ،واليعرؾ كنهه سواه. العقل الينفصل عن آتوم ولكنه يشع عنه كما الضوء عن الشمس. والعقل يلد الربوبية في بني البشر. فبالعقل يرتفع بعض بني االنسان الي اشباه لآللهة كما جاء في تعاليم أوزير: 'اآللهة أناسي خالدون ،والناس آلهة فانون'. العقل هو القسم اإللهي في الكائن اإلنساني بقدرته علي التعالي الي السماء. والقسم المادي الذي يتكون من النار ،والماء ،والتراب ،والهواء ،هو الجزء الفاني المرتبط باألرض، حتي اليهجر العقل الجسد الذي اإتمن عليه. تتؽذي الروح بالنار والهواء ،ويتؽذي الجسد بالماء والطين. والعقل هو الجوهر الخامس الذي يؤتي من النور ،ولم يمنح سوي لبلنسان. ومن بين جميع الكائنات الحية ،لم يوهب الروح اال االنسان ،الذي ترفعه هبة العقل الي معرفة آتوم. وهذه المعرفة ليست رأيا هو نسخة باهتة من المعرفة ،وصدي لصوتها ،كضوء القمر الكابي مقارنا بوهج الشمس. العقل والكبلم عطايا عظيمة ،منحها آتوم لبلنسان وحده.
وإذا استخ ïدمتا بحكمة ،يمكن أن تجعبل االنسان مثل الكائنات اإللهية الخالدة ،ؼير أنه متجسد في جسد من الطبيعة. وعندما يترك الجسد وراءه ،فسوؾ يكون العقل والكبلم مرشديه يقودانه الي صحبة اإللهيين واألرواح، التي اتخذت مكانا عليا. للكائنات األخري أصوات ولكنها ليست كبلما. فكل كائن حي له صوته المميز ،لكن الناس جميعا يشتركون في الكبلم. فالناس جميعا واحد (بالخلق) ،واللؽات جميعا واحدة بالمعاني. تترجم الكلمات من لسان الي لسان ،وتظل المعاني واحدة سواء أكانت مصرية أو فارسية أو يونانية. ذلك أن المعاني صورة العقل ،والعقل صورة آتوم. بمشيئة آتوم ،العقل مثل جائزة يمكن للروح أن تفوز بها. لقد مؤل آتوم وعاء ضخما بالعقل وأرسله الي األرض ،ونودي عليه: 'أنصت ياقلب اإلنسان! عمد نفسك بالعقل وتعرؾ علي علة خلقك وارتق إلي من أرسل إليك هذا الوعاء'. أولئك الذين عمدوا أنفسهم بالعقل وجدوا المعرفة الحقة ،وصاروا كاملين. إال أنهم لم يحسنوا في أعين اآلخرين ،فقد اعتبروهم مجانين يبعثون علي الضحك ،وكان نصيبهم الكراهية واالزدراء ،وقد يحكم عليهم بالموت.
18الميبلد من جديد
لن يصل أحد إلي الخبلص مالم يولد من جديد. فطهر ذاتك من أدران المادة إن أردت أن تولد من جديد. إن أولها الجهل، وثانيها الحزن،
وثالثها عدم ضبط النفس، ورابعها الشهوة، وخامسها الظلم، وسادسها الطمع، وسابعها الخديعة، وثامنها الحسد، وتاسعها الخيانة، وعاشرها الؽضب، والحادي عشر هو التهور، والثاني عشر هو الحقد. وينضوي تحت تلكم جميعها كثير ؼيرها ،تجبر االنسان الحبيس في سجن الجسد علي معاناة العذاب الذي تولده. ولكنها تنزاح كلها برحمة آتوم ليحل الفهم، هذه طبيعة الميبلد من جديد ،وهو الطريق الوحيد إلي الحقيقة ،وهو الطريق الذي اتبعه أسبلفنا للوصول الي الخير واإلحسان القديم. هو طريق إلهي مقدس علي الرؼم من صعوبة سفر الروح في الجسد. وأولي خطوات الروح هي الحرب مع شهوات الجسد. وهو صراع بين الوحدة والتعدد، فؤحدهما يهدؾ إلي التوحد بينما يهرع اآلخر إلي االنقسام. فمن يولد من جديد يتوحد مع األب الواحد الذي هو النور والحياة. ولن تري الرإيا العلية سوي باالمتناع عن الكبلم عنها ،فالعرفان سكون الحواس. والذي يعرؾ جمال الخير واالحسان األول لن يعلم سواه. فلن يسمع شيئا ،ولن يحرك جسده ،وسينسي حواسه الجسدية ،بينما يؽتسل عقله في جمال اإلحسان الذي سوؾ يجتذب روحه عن الجسد ،ليوحده مع الكائن الخالد أبدا. فاإلنسان لن يستطيع أن يصير مبلكا طالما كان يعتقد أنه جسد فحسب. فبلبد له أن يتحول بجمال اإلحسان الخالد حتي يصبح إلهيا. الحكمة رحم الميبلد من جديد.
والحمل هو الصمت. والبذرة هي اإلحسان. والذين ولدوا من جديد لم يعودوا كما كانوا من قبل ،فقد أصبحوا إلهيين ،أبناء آتوم اإلله الواحد. فهم يتسعون لكل شيء ،وهم في كل شيء. وليسوا من المادة في شيء فهم عقل محض. والميبلد من جديد ليس نظرية يمكن أن تحاول دراستها. ولكن بمشيئة آتوم سوؾ يذكرك. فالمرء ال يؤمل في معرفة آتوم إال بضبط شهواته ،وترك األقدار لتصنع ما تشاء بجسده الطيني الذي ينتمي الي الطبيعة وليس إليه. وليس له أن يحسن حياته بالسحر ،أو يعارض قدره بالقوة ،بل عليه أن يترك الضرورة لتسلك سبلها. وذو البصيرة يري كل األمور حسنة مهما بدت لؽيره سيئة. ويري كيؾ بدر الناس له المكائد في ضوء معرفته بآتوم الذي هو وحده يحول الشر الي خير '.' 10
19تعاليم سرية
واآلن بعد أن تعلمت هذه األسرار ،تعهد بحفظها وأقسم علي أال تعلن كيؾ تتم إعادة الميبلد فهذه التعاليم وضعت كي يقرأها فقط من يرؼب آتوم في معرفتهم. وبالتؤمل فقط سوؾ تدرك أن كل ما قلته لك صحيح ،ولن تدرك بؽير ذلك ولن تصدقني. فاإليمان ينبع من التؤمل ،والكفر يصدر من قلة الفكر.
الكبلم وحده اليستطيع التعبير عن الحقيقة ،لكن قوة العقل فائقة ،وحين يقودها الكبلم للتفكر في األشياء حتي قرارها ،فإنها تجد سبلم اإليمان الحق. ولن تفهم تعاليمي إال بقوة العقل. لقد رسمت لك قدر استطاعتي شبها آلتوم ،ولو نظرت إليه بعين قلبك فسوؾ يقودك إلي معراج التعالي. سوؾ ترشدكم الرإيا ذاتها بالقوة المخصوصة بها والكامنة فيها ،اذ هي تتملك اولئك الذين رأوها وتؤخذ بؤيديهم كالمؽناطيس الذي يجذب الحديد من األرض السوداء. هذه رحلة المعرفة ،فسارع إليها. وبالرؼم من صعوبة هجر المؤلوؾ للعودة الي المنزل القديم الذي منه نشؤنا ،إال أن لطؾ آتوم سابػ، وكرمه الينتهي. إنه بطبيعته كالموسيقي الذي يإلؾ توافقات الكون ،ويوحي الي كل فرد بإيقاعات موسيقاه. فإذا كانت الموسيقي نشازا فبل تلم المإلؾ ،بل أوتار القيثار التي ترهلت لتلوك جمال النؽمات. ولكني الحظت أنه عندما يتعامل الفنان مع موضوع نبيل ،تصبح قيثارته منضبطة بشكل ؼير مفهوم، حتي أن عيوبها تنطق بؤمجاد موسيقية تدهش سامعيه. واعترؾ أن األمر كان كذلك معي رؼم ضعفي ،وصارت موسيقاي جميلة بقوة آتوم ،وكذلك سوؾ تصبح موسيقاك كاملة. ليس هنالك تنافر ين سكان السماء فليس لهم سوي ؼرض أحد ،وعقل واحد ،وشعور واحد ،حيث تربطهم تميمة الحب في كل متناسق. وسوؾ يبدو لهم الجانب األرضي من الكون وقحا وؼثا بدون ألحان التسابيح الحلوة. ولهذا أرسل آتوم جوقة مبلئكة الؽناء لتعيش بين بني البشر وتلهمهم بالموسيقي حتي يمجدوا هللا بالتسابيح مع أناشيد السماء. فلنسبح بحمد آتوم بعرفان عميق ،فإنه يقبل كلمات الحمد.
20تسبيح آلتوم
أصلي في باحة مفتوحة للسماء ،مستقببل الشرق في الفجر والؽرب في الؽسق، حتي ينفتح الكون أمامي ،ويستقبل الكون كله أصوات تسابيحي. انفتحي أيتها األرض العظيمة ،وامسكي همسات أوراقك أيتها األشجار،
فؤنا أهم بالترنم بمدائح الواحد الكل. أيتها العدالة سبحي للحق في ذاتي، أيها الصدق سبح للقدوس في روحي، أيتها األثرة سبحي للمهيمن في صبلتي. هي كلماتك التي تتؽني بمديحك من خبللي ،فالكل منك ،والكل إليك. وتقبل قرابين الكلم هذه من جسد وروح تعاليا إليك ،فليس هناك لسان قادر علي النطق ،وال يفصح لك سوي الصمت. أحمدك بقلب فياض ،فبلطفك فحسب ،أدرك نورك وعرفانك. أشكرك يامن اليعلم اسمه احد ،يامن نعرفه باسم آتوم ،فؤنت موالنا. يامن ندعوه أبا ألنك أظهرت في فعالك من الحب لنا والتعاطؾ معنا ما يظهر لنا اآلباء. بل إن حبك أعظم من حب اآلباء ،إذ حبوتنا هبة العقل والنطق والمعرفة. العقل الذي يمكننا من التقرب إليك، والنطق الذي يتيح لنا أن ندعوك، والمعرفة التي تهييء لنا أن نجد الخبلص في نورك ،وتملإنا بؽبطة وجودك. السبيل الي حمدك سوي بتعلم عظمتك. تعلمت معرؾ جبللك بنور العقل الوضاء. تعلمت أنك أنت حياة اإلنسان الحقيقية. تعلمت أنك الرحم الذي يلد ذاته. تعلمت أنك الثبات األبدي الذي اليتحرك ،ولكنه يحرك الكون بؤجمعه. من ذا الذي يستطيع الحديث عنك؟ من ذا الذي يستطيع الحديث إليك؟ أين أولي وجهي ألحمدك؟ أنت البلنهائي الذي يحتوي كل المتناهيات. وليس هناك مكان ليس أنت ،فالكل فيك أنت. ماذا أستطيع أن أقدم لك؟ فؤنت كل شيء ،تمنح كل شيء ،وال تؤخذ أي شيء ،والينقص منك شيء. أني لي أن أحمدك؟
هل أحمدك لما تظهر أم لما تخفي؟ وأني لي أن أسبح بحمدك؟ فهل أنا حاكم علي ذاتي؟ وهل لي ماهو ملكي؟ وهل أنا ؼيرك؟ فؤنت كل ماهو أنا. أنت كل ما أفعل. أنت كل ما أقول. أنت كل ما يحدث. أنت كل ما لم يحدث. أنت العقل في فكرك. أنت األب في خلقك. فؤنت آتوم الذي يفعل كل شيء فؤنت الخير واالحسان األول في كل مكان. لقد أفصحت لي عن كينونتك فا ٌم îحيت، وجعلتني بهبة من روحك الخالدة في زمرة المبلئكة ،ولم أبرح جسدي بعد ،فمؤلتني بالبهجة. بتسابيحي هذه أعبدك يامن أنت الخير وحدك. وال أطلب سوي أن تكون مشيئتك أال أتحول أبدا عن عرفانك وحبك ،والحياة المباركة في ظلك. أبي يامن وهبتني تلك الرإي الخيرة الجميلة. لقد كادت عين عقلي أن تعشي من نور بهائك األبدي الذي يكسؾ الضوء المرئي ،وال تحميني منه سوي رحمتك. لقد أبدعت في كياني كيانا دون مادة ،ألحقني بكيانك األبدي. لقد ولدت ثانية في الفكر ،فلم يعد لي الجسد الذي كان لي. لم أعد ذلك الشيء المجسد الملون. لقد صرت ؼريبا عن كل ما يري بعين الجسد. فتلك العيون لم تعد تراني.
إنني أداتك ،والعقل قيثارتك ،وحكمتك تفجر في الموسيقي ،فؤؼني روحي بعد أن مسني حبك. لقد أبدعت مني كائنا جديدا لم يعد يري بعين الجسد ولكنه يشهد بنور العقل. وعندما يولد المرء من جديد يفقد جسديته الملموسة ذات األبعاد ويصبح كله عقبل. أدرك أنني أصبحت الكل. إنني في السماء واألرض، إنني في المياه والهواء، إنني في الوحش والطير، إنني رضيع، إنني في الرحم، أنني قبل الحمل، إنني الحضور الحاضر في كل مكان. أري أعماقا القرار لها ،فكيؾ لي بوصؾ هذه الرإيا؟ بعقلي أري العقل ،وأعرؾ الواحد الذي يستعيدني من النسيان. أري روحي. أخشي أن أنبس. لقد وجدت ينبوع القوة لكل القوي التي البداية لها. أري ينبوعا يصطخب بالحياة. إنني العقل فقد رأيت وجدت ما كنت أبحث عنه، وجدت السبلم بمشيئتك، لقد ولدت مرة أخري. التكفي اللؽة ،فالمبلئكة تؽني تسابيحا بالسكون. وأنا أسبح صامتا.
تم و الحمد هلل
قال منشيوس' :كل األشياء مكملة في داخلنا' وبتعبير آخر ،أن طبيعة االنسان الفطرية ليست كاملة فحسب ،بل هي أيضا نوع من عالم صؽير يمثل أو يحوي خبلصة كل األشياء .وقد يستتبع هذا منطقيا كما يقول منشيوس ' من يعرؾ تماما طبيعته الذاتية يعرؾ السماء'.
Thank you for interesting in our services. We are a non-profit group that run this website to share documents. We need your help to maintenance this website.